حوادث الطرق .. مؤشر تجاوزت خطورته الخط الأحمر !
من عجائب الدنيا اننا ندرك جيدا معنى الأشياء وأضدادها وانعكاساتها لكننا نتجاهله ولا نعرف قيمتها إلا حين فقدها ! فهل نحن بحاجة لأن نتذكر ونُذكّر بأن حياة الإنسان لا تقدّر بثمن ؟ حوادث السير والطرق .. صرخات ألم ومآسي تضاف إلى جملة مآسي واقعنا المرير ! إذ أن هناك تقريرا صدر مؤخرا من المنظمة العربية للسلامة المرورية كشف الواقع الصعب الذي يعانيه ضحايا حوادث الطرق أو المرور بشكلٍ أو بآخر، وذكر ان حوادث السير والمرور في العالم العربي تخلف سنويا أربعين ألف قتيل ، والشباب يشكلون 60% من ضحاياه تتفاوت مابين الوفيات والإعاقات المزمنة بشكل مأساوي.
وثبت أن تلك الحوادث البليغة هي المسبب الرئيسي لفقدهم حياتهم فما بعد السرعة المتهورة من خلف ذلك المقود من خير ! والذين لم يدركوا بعد معنى لنعمة الصحة لن يدركوا كذلك معنى للسلامة على الطريق خاصة من يتعمد أن يُحرق نفسه ويدمّرها من خلف مقود سيارة متهور أرعن ! إن تحديد المشكلة وجوانبها تتلخص وبكل بساطة في السرعة الجنونية عند قيادة البعض للمركبات التي خلناها نعمة لكن وبسبب تهوّر البعض صارت أقرب إلى النقمة أو أدنى من ذلك مما خلق واقعا مختلفا هو أقرب لصندوق مفاجآت لكنه لا يسرّ أحد .
إن الثمن الحقيقي لمخاطر السرعة أثناء قيادة السيارات هو ما سنتحمله بعدها حين تصبح سلامة الإنسان على المحك، قرار نفقده بعد أن كنا نملكه ! من هنا فإن قراءة منطقية لأسباب تزايد حوادث صيد الأرواح نوجزها كالتالي حيث تحتل السرعة أثناء قيادة المركبة الصدارة في زيادة الحوادث المرعبة والتي تُعبر برأيي وبكامل مفاعيلها عن صفة الاستهتار استهدافا لسلامة المشاة على الطريق حينها يكون الثمن البشري باهظا جدا لا محالة ولكلا الطرفين (السائق والراكب) فيما لم تفلح فيه اجراءات تطوير الشوارع الوقائية والعلاجية وتكثيف اللوحات الإرشادية التحذيرية والإشارات الضوئية التي وضعتها الدولة للحدّ من مشكلة السرعة محذرين في نفس الوقت من عواقب السرعة القاتلة وخاصة في الشوارع الرئيسية.
وهناك أيضا التجاوز الممنوع واستخدام الهاتف الخلوي أثناء القيادة وسماع الأغاني الصاخبة، بعدها يمكنكم التنبؤ الى أين سوف نتجه في النهاية !؟
والآن .. وبعد تزايد حوادث الطرق وقساوة الضربات ماذا لو وقفنا وقفة جادة حازمة في محاولة منا للتقليص من حجم تلك الحوادث الكارثية التي تخلّف دمارا نفسيا وعاطفيا واقتصاديا وجسديا مع أن هناك من لا يستطيع أن يتبين حجم ذلك الدمار إلا بعد فوات الأوان ومع كثير من الأسف ! هناك من هو بحاجة لتلك النصيحة قدْر حاجته للهواء فماذا لو أخذنا التدابير الخاصة حين خروجنا ونقرر ألا نُسرع في قيادتنا لمركباتنا تحت أيّ ظرف !؟ فكم نحن بحاجة لأن نعي بأن حالات العجز بين الشباب سببها الأول والأخير حوادث المرور البليغة ! ماذا لو خففنا السرعة !
ماذا لو وضعنا في الاعتبار بأن هناك أطفالا يلعبون وفتية يركبون الدراجات ومن حقهم افساح الطريق لهم للعبور وهناك نساء وشيبانا ومقيمون لا يملكون السيارات ويريدون أن يعبروا الطريق ! ماذا لو آثرنا السلامة والحيطة والحذر لأنه الظلّ والحارس الأمين !؟ ماذا لو أخذنا في الاعتبار مصلحة المشاة ليعبروا حتى يبلغوا شاطئ الأمان قبل أن يتحولوا وبسبب عدم انتباه من السائق لطيور مجروحة عاجزة لا تبارح أماكنها !؟ ماذا لو أفسحنا المجال للسائق الآخر وسمحنا له بالمرور حتى لو كان المجال من حقنا ولنا !
حوادث الطرق التي نقرأ عنها يوميا لن تكون الأخيرة وستتكرر لدرجة الإجترار حتى إشعار آخر إذا مااستمر التهور والإستهتار بالأرواح من خلف مقود سيارة ليكون حلّها أسهل ، فالحلّ هو أن نبدأ بأنفسنا ، بتحسين أخلاقياتنا عند قيادتنا للسيارة لتحسين السلامة على الطريق .